اتصل بنا
 

الدكتور شيا :نحارب الارهاب ولا نبذل جهودا لاجتثاث جذوره وأسبابه

نيسان ـ حازم عكروش ـ نشر في 2017-11-28 الساعة 13:03

x
نيسان ـ

أكد عميد معهد العلوم الاجتماعية ورئيس قسم الفلسفة في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد شيا أننا نبذل اقصى جهودنا للتخلص من الارهاب ولا نبذل جهدا كافيا لاجتثاث جذوره وأسبابه والظروف المؤسسة أو الباعثة له.

وقال في مقابلة على هامش مؤتمر الفلسفة الذي عقد في الجامعة الاردنية
أن التطرف (الديني أو الإثني أو الأيديولوجي) هو ما يفضي، في ظروف مؤاتية، إلى الإرهاب، وأن لا مفر من مواجهته من خلال الفلسفة، والتربية على ثقافة الفلسفة علنا ننجح في إغلاق مسارب التطرف والإرهاب خاصة عند الناشئة الأمر الذي أخفقت فيه حتى الآن كل صنوف الأدوية الأخرى.

وأضاف شيا أن حملات مكافحة الإرهاب خلت من البحث الجاد عن أصل الظاهرة والأسباب السياسية والاجتماعية الدافعة له ومعالجتها مشيرا أن الاجراءات الفوقية في إدراك ان الإرهاب ظاهرة مركبة لها أسباب حقيقية قد أخفقت وأن التطرف بأنواعه هو الممر الرئيسي الذي يفضي للإرهاب .

وبين أن ثقافة الفلسفة وروحها وعقلها وأدواتها ومناخها هى أفضل ما نحصن به شبابنا ضد إغراء التعصب والتطرف والإنزلاق الى مهاوي الإرهاب . مدللا على من خلو لاوائح الإرهابيين والإنتحاريين المنشورة من أي اسم له خلفية فلسفية او حتى انسانية بينما هى ملأى بمئات الأشخاص الذين يملكون شهادات واختصاصات تقنية وتكنولوجية عليا .

وبين أن تداعيات الارهاب على مجتمعاتنا كانت العودة إلى الوراء من إثارة عناوين الصراع الديني والمذهبي إلى تعثر ثم توقف خطوات التمدين والتقدم المدني والتحول الديمقراطي والانفتاح التي راكمتها هذه المجتمعات منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ثم دخولنا في حروب أهلية داخلية مفتوحة لم تختتم فصولها بعد.

وقال الدكتور شيا لقد جرى الدفع إلى الخلف بكل مكتسبات التنوير والاصطفافات الأفقية والطبقية التي تراكمت طوال قرن كامل من الزمان لصالح اصطفافات عمودية تقليدية أعادت استحضار العناصر الرجعية في التراث وكرّست هامشية العقل عندنا الآن بل استقالته النهائية.

أما الكلفة الاخرى على المجتمعات خاصة مجتمعاتنا الموسومة بتصدير الإرهاب والإرهابيين، فهو انهيار اللحمة الداخلية لها وانفجار أزمة الهوية من وجهة دينية أو إثنية وما يصحب ذلك من تعصب وانغلاق وعداء للخارج وإحساس بالظلم والمرارة في كل الأحوال اضافة لكلفة المالية العالية لإجراءات مكافحة الإرهاب، والتي راكمت ديوناً جديدة في معظم بلداننا، تحطيم صورة بلداننا وثقافتنا وديننا، بأيدينا .

وشدد على أن الإرهاب قد خدم مطلب عودة الدولة الأمنية على مستوى العالم أجمع، فأسهم في مضاعفة صادرات السلاح وتقنياته إلى بلداننا واستنزاف مواردنا القليلة، وأعاق التحوّل الذي بدأ نحو الديمقراطية، ثم التراجع عن بعض مكاسب العولمة من مثل الانفتاح وتحفيز الاقتصادات وانتقال التكنولوجيا.

وأشار الى الخسارة المباشرة التي لحقت بالقضية الفلسطينية و، تراجع الاهتمام بها أما في الجانب الاقتصادي وكلفة الإرهاب الحالي المنظورة وغير المنظورة قال شيا إنه وبحسب الأرقام الأمريكية الرسمية أن جهاز مكافحة الإرهاب في الإدارة الأمريكية يستخدم وحده 951000 شخصاً، بطريقة أو بأخرى.والزيادة الهائلة في ميزانيات وزارة الدفاع والوكالات الأمنية الامريكية لتصل أكثر من 80 مليار دولار) ومبررها الحاجة إلى مكافحة الإرهاب.

وأكد الدكتور شيا أن التهم للعرب والمسلمين بالارهاب تتجاهل حقيقة أننا، كنّا قبل الغرب بزمن طويل ضحية لذلك الإرهاب في أبشع صوره ونتائجه وهو إرهاب المنظمات الصهيونية قبل سنة 1948، ثم إرهاب الدولة الذي مارسته إسرائيل، بل اختصّت به قبل سواها، ضد الشعب الفلسطيني وشعوب عربية أخرى .

وأشار الى أن التهمة بالارهاب جاءت لاختلاط الأمور عندنا وتداخل الحق بالباطل و السياسي بالجهادي بالأيديولوجي بالأمني ليشكلوا معاً ما يسمى بالإرهاب الإسلامي ذلك هو نصيبنا من تهمة الإرهاب،التي دفعنا ثمنها غالياً لها وغدت صورة ثقافتنا صورة دموية لا تحب الحياة وأظهَرنا كجماعات تكره الحياة والسلام وتصفّق للعنف والعدوان والغدر بالمدنيين.


وأشار شيا الى أنه وخلال العقدين الاخيرين استقال عقلنا، وأطلقنا العنان للغرائز، فبدل حركات التحرير الوطني نشأت جماعات مغلقة متعصبة اعتبرت الآخرين أعدائا وهدفاً للعنف المباشر، وبدل أن يكون الاحتلال أو الرأسمالية هي العدو كالسابق ، غدا العدو الآن اليهودي والصليبي والكافر والعلماني والأخر عموماً - و’الغربي’ قبل سواه واختلطت المفاهيم، فانفلت عنف مجاني غير كان أسوأ ما فيه أنه احتسب على منطقتنا وزُعِم أنه يستند إلى ديننا الإسلامي وبهدف الدفاع عن قضايانا، بينما كانت منطقتنا العربية في الواقع، ومعها ديننا الإسلامي وقضايا المحقة هي الضحية الكبرى للإرهاب، وربما الوحيدة له.


ويرى الدكتور شيا أن معالجة جراح التطرف والأرهاب، وخفض الأثمان الباهظة التي تدفعها شعوبنا ومجتمعاتنا واقتصاداتنا وأجيالنا الشابة يكمن في اهمال الدور الذي تستطيع ثقافة الفلسفة أن تضطلع به لتجفيف المصادر مؤكدا أن في وسع الفلسفة، وثقافة الفلسفة تحديداً، أن تُسهم في العلاجات تلك أيّما إسهام.

وأكد أن بعض أسباب فشل العلاجات المستخدمة حتى الآن يكمن، ربما، في إهمالها للدور الذي تستطيع ثقافة الفلسفة أن تضطلع به في مهمة تجفيف المصادر الثقافية والفكرية والتربوية للإرهاب وإقفال المسارب التي يتغذي منها، وفي تحصين مجتمعاتنا العربية والإسلامية ضد الإرهاب.

وأشار الى أن المجتمعات المنغلقة التي احتقرت أو تحتقر الفلسفة شكلت ولازالت تشكل أرضا خصبة لنمو اتجاهات التعصب والتطرف والسقوط في اغراء الإرهاب عدا أن العداء للفلسفة في صورتها المعروفة لم يجلب لتلك المجتمعات أية منفعة بل جعلها فريسة لأيدولوجيا الإرهاب دونما منازع ام منافس .

واكد الدكتور شيا قدرة المشروع الفلسفي على تعرية خطاب التطرف، وإغلاق المسارب والممرات التي توصل إلى التعصّب ومن ثم إلى الإرهاب ولا تستطيع الفلسفة أن تنجح فيه دون تعاون تربوي واجتماعي وثقافي مشيرا ان أولى الممرات التي في وسع ثقافة الفلسفة إغلاقها في وجه التطرف والإرهاب، هو ممر الزعم أن الحقيقة مقيمة في هذا الدين دون سواه، او الثقافة او النهج أو هذه الفكرة دون سواها وأوهام أخرى من نوع: اليقين عندي أو عندنا في كل شيء، الحقيقة تامة عندي وحدي، والدين والحقيقة والآخرة عندي، وعند الآخر الباطل في هذه الدنيا وجهنم في الآخرة هذا ما يتأسس عليه الناشئ في نظامنا الاجتماعي الأخلاقي، وفي أنظمتنا التربوية وما يتأسس عليه الطفل فيستعيد في سلوكه وتربية عائلته قيم الاستبداد والإقصاء وكراهية الآخر التي تربّى عليها في البيت والمدرسة و في البيوت التي جُعلت لله فإذا بها تغدو للتحريض على أديان الله الأخرى، وعلى الآخر الديني والمذهبي والإثني والثقافي عموماً.

نيسان ـ حازم عكروش ـ نشر في 2017-11-28 الساعة 13:03

الكلمات الأكثر بحثاً