اتصل بنا
 

السعودية.. من جبال اليمن إلى رمال قطر المتحركة

نيسان ـ نشر في 2017-06-09 الساعة 17:26

x
نيسان ـ

محمد قبيلات..بالعودة إلى عشية احتلال العراق للكويت نرى أن هذه الأيام مشابهة لها تماما، فأمريكا تقف على مسافة واحدة من طرفي النزاع، بالمعنى السلبي، طبعا، وليس الايجابي، ففي الوقت الذي ينشر ترمب تغريدات مؤيدة للخطوات السعودية التصعيدية يتصل بأمير قطر ويظهر حرصه على وحدة دول الخليج العربي، وتوافق الادارة الأمريكية على بيع قطر أكثر من سبعين طائرة اف 16، مع أن هذه الصفقة ظلت قيد الدراسة من وقت غير قصير.

هذا الموقف الأمريكي لا تفسره طبيعة الخلافات بين الرئيس والمؤسسات، بل هو سعي مدروس لخلط الأوراق بين دول الخليج العربي؛ لخلق واقع جديد يتناسب والمرحلة المقبلة، إذ تخطط الادارة الأمريكية الجديدة لإعادة استعمار المنطقة بشكل جديد، بحيث تحل ما يواجهها من مشاكل اقتصادية على حساب النفط العربي، فالمنطق الأمريكي الجديد يرى أنه لولا مظلة الحماية الأمريكية لدول الخليج العربي لما تكدست لديها كل هذه المليارات في الصناديق السيادية.

من جانب آخر، هناك محاولة من أمير الكويت لاصلاح ذات البين، لكن من الواضح أنها لم تنجح، فعلى ما يبدو هناك تقاسم للأدوار بين أطراف التحالف في مواجهة قطر، ففي الوقت الذي تُصعّد فيه القيادة المصرية وتيرة عملها إزاء الحكومة القطرية تصدر تسريبات عن بعض الوزراء الامراتيين تفيد بأن الكيل قد تطفح، ويهاجم القراصنة مواقع الجزيرة، فيما تتشدد المملكة العربية السعودية للشروط المطلوب من قطر تنفيذها.

وزير الخارجية القطري، على ما يبدو، لم يجد آذانا صاغية في موسكو، خصوصا أن روسيا بينها وبين قطر الكثير من الخلافات في ملف الغاز، فروسيا هي الدولة الأولى عالميا في انتاج النفط والاحتياطات، بينما تحل قطر ثانيا في سلم انتاج الغاز، كما أن لديها 12% من مخزون الغاز على المستوى العالمي .

وفي هذا المضمار هناك من يقول إن في الخلفيات الفعلية لموقف السعودية من قطر موضوع الغاز أيضا، فالشاب المتحمس لإيجاد مصادر دخل تدعم خططه الجبارة للتنمية يفكر في الغاز، وآرامكو بدأت فعليا، منذ فترة، باعادة فتح ملفات الاستثمار في الغاز، وهذا ما زاد العلاقات توترا مع قطر.

هذا اضافة إلى أن قطر، وهي العضو في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، لا تمتثل لأوامر وخطط ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ففي الوقت الذي وافقت الكويت قبل فترة قليلة على دفع عشرة مليارات دولار أمريكي جزءًا من التزامتها تجاه حرب اليمن لم تدفع قطر، اضافة إلى اختلاف أولوياتها عن أولويات السعودية في اليمن.

التطور اللافت، والمحسوب في خانة قدرات قطر اليوم، هو الموقف التركي، فقد بدأ فعلا وصول طلائع قوة تركية عمادها خمسة الآف جندي إلى قاعدة تركية في قطر، على بند اتفاقية دفاع مشترك بين قطر وتركيا كانت قد أُبرمت قبل سنوات.

لكن تقابل هذه الخطوة أخرى مصرية في مجلس الأمن، حيث دعت مصر أمس الخميس مجلس الأمن الدولي إلى بدء تحقيق في مزاعم دفع قطر فدية تصل إلى مليار دولار لـ 'جماعة إرهابية نشطة في العراق' لإطلاق سراح مواطنيها المختطفين، وما هذه الخطوة إلا تصعيدا وتهيئة لأجواء الحرب، مبتغية في الوقت نفسه تحصيل تأييد المجتمع الدولي، يضاف إلى هذه الخطوة؛ إعلان السعودية ومصر والامارات العربية المتحدة والبحرين “ لائحة للارهاب” تقول إنها مرتبطة بقطر، وتضم 12 كيانا منها مؤسسة قطر الخيرية، و59 فردا من بينهم الداعية يوسف القرضاوي، الذي يعد من أبرز المرشدين الروحيين لتنظيم الاخوان المسلمين، إضافة إلى رجال أعمال وسياسيين قطريين. إلا أن قطر نددت باللائحة، واعتبرتها بلا اساس.

شئنا أم أبينا، صار الخليج العربي اليوم على فوهة بركان قد ينفجر في أية لحظة، وستكون لذلك تأثيرات كبيرة في مستقبل دول المنطقة، فلم تستطع دول الخليج العربي وبعد أكثر من سبعين سنة أن تستثمر عائدات النفط بالشكل الصحيح، فعلى سبيل المثال لا للحصر، ربما كان عُشر ما ينفق على الحرب في اليمن اليوم كافيا لخلق حالة استقرار وتطور ونماء في اليمن تضمن أمن الخليج كله.

المرحلة تجاوزت تلك الطريقة الخليجية في تقبيل الأنوف والرؤوس لخلق حالة من المودة بين الأطراف المتنازعة، وكان على أمير الكويت انتظار زيارة الملك عبد الله الثاني الثلاثاء الماضي، قبل أن يذهب إلى جدة، فالقضية لم تعد بين الخليجيين وحدهم، ولا حتى بين دول عربية؛ لتحلها المجاملات، فقد دخلت مرحلة التدويل، ومن المؤكد أنها بحاجة للاتصال بواشنطن ومراكز القرار الدولية، في كل لحظة، للشرح، وللضغط على الاطراف جميعها من أجل نزع فتيل الأزمة.

نيسان ـ نشر في 2017-06-09 الساعة 17:26

الكلمات الأكثر بحثاً