اتصل بنا
 

حسين المجالي.. هل هو رجل المرحلة؟

نيسان ـ نشر في 2017-04-02 الساعة 23:24

x
نيسان ـ

محمد قبيلات...بفعل البطالة المكشوفة، تُشغِل صالونات عمّان نفسها بالنميمة السياسية، وبرمي رمل التنجيم لتحري حركة المناصب المهمة في الدولة، مَن سيأتي ومَن سيُخلي موقعه، داعمة توقعاتها- في العادة- بتسريبات من مراكز مهمة، أو من خلال استنتاجات تعتمد على بعض الاخبار أو السلوكات ذات الدلالات.
لكن المؤكد أن لا معلومات دقيقة في هذا المجال، خصوصا فيما يتعلق برئاسة الوزارة والمواقع الأمنية الحساسة، حيث الأمر، في هذا المستوى، منوط بيد صاحب الأمر وحده.
صاحب القرار دستوريا هو الملك، وقد انتهج سنة معروفة في هذا الشأن؛ عمادها الكتمان، والتعامل بمنتهى الحساسية والحزم والسريّة، وقد حرص دائما على عنصر المفاجأة في التعيينات الجديدة، ربما بسبب التحسب من تشويشات مراكز القوى، المدفوعة بمصالحها الخاصة والفئوية، على سلامة القرار، أو التأثير على المُعينين لتحقيق مكاسب وضمان مقاعد لها في المواقع القيادية الجديدة، والتي عادة ما تشغر تلقائيا مع ما يطرأ من تعديلات في رأس ادارتها.
ضمن سياق الشائعات ومزاداتها، يتردد منذ فترة اسم العين هزاع حسين المجالي، كمرشح قوي لخلافة رئيس الوزراء الحالي، الدكتور هاني الملقي، وازدادت هذه التكهنات في اليومين الماضيين، مع انتهاء أعمال مؤتمر القمة، وزاد في حرارة الحديث حول قرب تشكيل حكومة جديدة، تعيين مدير جديد لدائرة المخابرات العامة، تعيين أُعتبِرَ بمثابة الإيذان ببدء وجبة تغييرات واسعة ستطال الحكومة، والاشارات كلها اتجهت لاسم صاحب الأسهم المرتفعة، هذه الأيام، وزير الداخلية مدير الأمن العام الأسبق، حسين هزاع المجالي.
ومع أن سوق السياسة الأردنية عودنا على ان الاسم الذي يُفتتح به المزاد لا تستقر عليه الأمور في نهاية المطاف، إلا أن التوقعات، هذه المرة، ساخنة إلى أقل من درجة اليقين بقليل، فقد ذهبت بعض القراءات إلى أن التغيير سيحدث خلال ساعات وليس أياما، لكنه مُدد فيما بعد! لحين عودة الملك عبد الله الثاني من زيارته للبيت الأبيض.
طبعا لا أحد يستطيع أن يجزم بصحة هذه الاشاعات، خصوصا في ظل سرية آليات تعيين رؤساء الوزارات وتشكيل الحكومات، لكن وبما أن الحديث هذه الأيام كله متجه ومُرجِح لكفة تغيير حكومي، وتعيين المجالي رئيسا للوزراء، فإنه يحق لنا إثارة بعض الاسئلة من نوع؛ اذا ما كان المجالي هو الشخص المناسب لهذه المرحلة أم لا، وما هي الميزات التي يمتلكها وتجعله الأكثر تأهيلا ليتبوأ هذا الموقع الحساس؟
طبعا؛ من نافلة القول أن الرجل يمتاز بدماثة الأخلاق ودفء اللسان، ويمتلك مهارات التواصل اللازمة للمنصب، وخلفيته المهنية أمنية بامتياز، حيث شغل موقع مدير الأمن العام في مطلع أحداث الربيع العربي، وأدار الملفات الساخنة بسلاسة واستطاع تبريد سخونتها، ومن بعد، استلم حقيبة الداخلية في حكومة الدكتور عبد الله النسور، وكانت الفترة حساسة إذ اشتملت على احداث أمنية مهمة بالاضافة إلى ادارة ملف اللاجئين.
حسب الأوراق النقاشية التي قدمها الملك عبد الله الثاني، في السنتين الماضيتين، فإن هناك إشارة إلى الأردن كنموذج يسعى لتطبيق الملكية الدستورية، سيستمر في التطور والتحديث، لتكون الخطوة التالية وجود آلية جديدة تؤذن بالبدء بتشكيل الحكومات البرلمانية.
غير إن هذه الطموحات ما زالت تجابه بالكثير من المعوقات، ولا يمكن تحققها إلا من خلال تطور منظومة العمل السياسي كاملة، بحيث تكون هناك أحزاب وكتل سياسية قادرة على طرح برامج سياسية مرحلية تؤهلها لتداول السلطة، من خلال تشكيل حكومة تعمل وفق برنامج ورؤية اقتصادية تخدم مصالح الأغلبية الممثلة في البرلمان.
صحيح أنه، وإلى ذلك الحين، لا بد من السير بنفس الآليات السابقة لاختيار رئيس الوزراء، لكن وحسب الأوراق الملكية، التي تعكس وجهة نظر صاحب القرار، فإنه يمكن التشاور في هذا الشأن مع الكتل البرلمانية والسياسية خارج البرلمان، لاختيار الشخصية المناسبة للمرحلة.
وبرغم أن ترشيح حسين المجالي لهذا الموقع يبقى محفوفا بالتحفظات، لكن بعض المراكز الليبرالية التي تختبئ وراء الستارة، لانعدام شعبية برنامجها الاقتصادي، تروَج بقوة الآن لهذا الترشيح وتباركه، فهي تقدم المجالي كونه من الأسماء المحسوبة على المدرسة البيروقراطية، وتطمح أيضا، لاستغلال رصيده الشعبي بتاريخه المهني، وتاريخ عائلته، من أجل تمرير قرارات صعبة، بل قد تكون مؤلمة، خصوصا أن هناك من يقول أن الرئيس هاني الملقي قد توقف مؤخرا عن مواصلة تنفيذ برنامج الزاوية الليبرالية، وامتنع عن تنفيذ أوامرها برفع الأسعار والضرائب تنفيذا للاتفاق مع البنك الدولي، حفاظا على شعبيته المتآكلة، والملقي، أساسًا، ميّال لإنعاش الاقتصاد لكنه وقع أسيرا للتصحيحات الاقتصادية وما تتركه من آثارها الانكماشية على الاقتصاد.
من جانب آخر، فإن وزير الداخلية الأسبق حسين المجالي كان قد تقدم باستقالته، عام 2015، بسبب الفشل الذريع الذي واجهه في ادارة المنظومة الامنية، وانعدام قدرة وزارته على إيجاد آليات تضمن التنسيق فيما بين الأجهزة الأمنية التابعة لها، وهي فقط الأمن العام والدرك، فهل يستطيع اليوم تنسيق العمل بين مؤسسات الدولة كافة؟
المطلوب من رئيس الوزراء أن تكون لديه القدرة على حشد جهود مؤسسات الدولة، وتنسيق المهمات والأعمال فيما بينها، فحسب ما ظهر في الأوراق الملكية المطروحة للنقاش، لا بد من أن يكون دور رئيس الوزراء في قيادة العمل الحكومي وفق أفضل الممارسات المؤسسية، وهذا يتطلب مهارة وخبرة تراكمية في التخطيط وصناعة السياسات وإدارة الجهاز الحكومي، إضافة إلى مهارات الاتصال والتفاوض وبناء التحالفات، والقدرة على بناء التوافقات، والعمل مع الفريق.

نيسان ـ نشر في 2017-04-02 الساعة 23:24

الكلمات الأكثر بحثاً