اتصل بنا
 

ضُلوعُ الحسين

قاص واعلامي اردني

نيسان ـ نشر في 2018-02-02 الساعة 15:18

نيسان ـ

محمد جميل خضر

إن أي تشكيكٍ بمظلومية الحسين بن علي رضي الله عنه، هو ضربٌ من الجنون، واستهتارٌ بالتاريخ والوقائع والحقائق، وانتصار للطغاة ومنهم يزيد بن معاوية. وإن أي استغلال لهذه المظلومية باتجاه تعزيز الكراهية بين الناس، واحتكارها كما لو أنها مظلومية طائفة دون أخرى، أو مذهب دون آخر، هو عبثٌ سياسيٌّ لا أخلاقيٌّ مُهين.

كما أن تحميل دم شهيد الحق لشبابٍ وأطفال ونساء وملايين الناس، وتحريضهم على الانتقام له من أبرياء معاصرين، بينهم وبين تاريخ ذبحه والغدر به 1378 عاماً، لهو الغشّ القيميّ بأسوأ تمثلاته. إنّ فعل ذلك وبناء مشروعية سياسية وأيدولوجية قائمة على دم الحسين ومن كانوا معه من أهل بيته وعترته، إنما هو لَطْمٌ في أسباب استقرار أمة العرب، ووحدة المسلمين.

لا يستفيد من تأجيج لظى حقد قائم على استعادة ماضٍ بعيد، وتعزيز أسباب كراهية لم تعد قائمة، سوى قراصنة السياسة وتجار الفرقة وعرّابو الموت والتشرذم والزوال

تجلّى الحسين كرجل موقفٍ في لحظة تضاربت عنده الحسابات فيها. خذله عند الاستحقاق، من شكّلوا أسباب تخليه عن اعتزال السياسة والحرابة، ورأى في التراجع حرجاً ومسبّة لم يرتضيها حفيد النبي، فكان ما كان منه ومن أعدائه، لتشكل قصته بمختلف تفاصيلها وتعاريجها باب تأمّل وتدبّر واعتبار، لا لتصير عنوان عداء لا ينتهي.

عداء من ضد من؟ ألا ينبغي لنا أن نسأل هذا السؤال؟؟

سال الدم غزيراً في وادي الطَّف، وتكسرت الضلوع، وتوالت الطعنات، إلى الحد الذي يجب أن نقول لأنفسنا كفى.

إن تسليم راية الحقد من جيلٍ إلى جيل، لن تسهم في بناء، ولن تعيد الحسين، ولن تثأر من شَّمر بن ذي الجوشن، ولا من عبيد الله بن زياد، ولا من عمر بن سعد، وكل من شارك بغدره والتنكيل به، فهؤلاء جميعهم قضوا كما قضى، ودار الزمان دورات كثيرات إلى أن وصلنا إلى هنا، وقد حلمنا بمدنية وعقلانية تحفظ لأمتنا بعض مجدٍ كان، فإذا بأعدائنا يستمئرون ما جرى لتأجيج عداء لا يموت ولا ينتهي ولا طائل منه،

ولن يكون فيه لا غالباً ولا مغلوباً.. بل لعل الكل فيه مغلوب ومتورط في دورة دمٍ وثأرٍ لا تنتهي.

ليس من أجل هذا سار الحسين من مكة إلى الكوفة.. ليس من أجل أن نقتلَ بعضنا، ونخدمَ أعداءنا

نيسان ـ نشر في 2018-02-02 الساعة 15:18


رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً