اتصل بنا
 

إلى محاكمة ضاحي خلفان

كاتب اردني مغترب

نيسان ـ نشر في 2017-11-26 الساعة 13:59

نيسان ـ ليس ضاحي خلفان مجرد مغرّد ناشط في 'تويتر'، وقائدا عاما سابقا لشرطة دبي، فهو يتولى الآن أكثر من موقعٍ رسميٍّ في بلده، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي (الرئيس هو حاكم الإمارة)، وعضو المجلس التنفيذي في حكومة دبي. وخبراء القانون أدرى من صاحب هذه الكلمات بشأن ما إذا كانت صفتا هذا الرجل الرسميتان هاتان تسوّغان مدخلا مناسبا لتقديم حكومة دولة قطر شكوى رسميةً لمحاكم دوليةٍ أو محليةٍ ضدّه، بشخصه وبتلكما الصفتين، وضد حكومة الدولة التي يتسلم منها رواتبه، طالما أنه جهر بالدعوة صراحةً إلى قصف منشأةٍ في داخل عاصمة البلاد الدوحة، هي قناة الجزيرة، ما يعني استهداف مواطنين ومقيمين مدنيين فيها، فمفاد ما يأخذنا إليه التأويل الأولي أن هذا المسؤول الحكومي الإماراتي يدعو، من دون أي تحرّز، إلى القتل. وهذا شديد الوضوح في تغريداته في 'تويتر'، في أثناء تتابع الأنباء المؤلمة عن الجريمة المهولة في مسجدٍ في بلدةٍ مصرية، وقضى فيها أكثر من ثلاثمائة مصلّ، وهي الجريمة التي ما قصّرت 'الجزيرة' في تظهير شناعتها، وإيضاح موقفٍ مندّد بها. غير أن عضو المجلس التنفيذي في حكومة دبي، ونائب رئيس الشرطة والأمن العام هناك، واظب ساعاتٍ، بعد الجريمة الدامية، على التحريض ضد دولة قطر، وضد قناة الجزيرة، صدورا عن ظنونِه السوداء إياها، والتي تدفعه، من دون أي اتّزان أخلاقي، إلى رمي مسؤولين ومشايخ في قطر، وكذا الفضائية التلفزيونية الشهيرة ومذيعين فيها، بتبنّيهم جميعا الإرهاب، وبالعمل على التخريب في مصر.


أغرب ما في حالة هذا الرجل أنه ذو خبرةٍ في العمل الشُّرطي، ويُفترض أنه يعرف قبل غيره أن لأي اتهام في أي شأنٍ أصولا ومقتضياتٍ وأسسا، لكنه بإسفافٍ مريع، ومن دون أن يتّصف بأي حسٍّ مهني، أو أية أعرافٍ أخلاقيةٍ معهودة، يستسهل رمي اتهاماته السخيفة كيفما اتفق، ولا يعدّ إلى العشرة قبل أن يطيّر تغريداتِه، والتي إنْ يبدو أنها تبعث على الهزء منها، إلا أنها إذ صارت تشتمل على دعواتٍ صريحةٍ إلى الإيذاء والقتل، كما فعل قبل أسابيع بشأن الدكتور عزمي بشارة، وكما اقترف ما اقترف وهو يواكب أخبار الجريمة في مسجد بلدة الروضة المصرية، فإن الأدعى أن يتم التعامل معها بكل جدّية ومسؤولية، فلم يعد هذا الرجل ينطق بتخريفٍ مسلٍّ، كما كان دأبُه، وإنما بما هو خطيرٌ لم يعد التهاون بشأنه مناسبا. وإذا كان مدير قناة الجزيرة، ياسر أبو هلالة، قد ألمح إلى إجراءاتٍ قانونيةٍ قد يتم الأخذ بها للتعامل مع التمادي غير المسبوق الذي بلغته حالة ضاحي خلفان، فإن أهل قطر والمقيمين فيها يأملون، كما يتوقع صاحب هذه السطور، أن تُسرع 'الجزيرة' في الخطوات اللازمة التي تأخذ هذا المسؤول الحكومي في دولة الإمارات إلى المحاكمة، سيما وأن سجونا في بلاده يُحتجز فيها صحافيون ومدوّنون إماراتيون وعرب، حاكَمهم القضاء الإماراتي، في إجراءاتٍ منقوصة العدالة، بعد أن تم اتهامهم بالتحريض في بوستات في 'فيسبوك'، ولم يبلغ أيٌّ منهم، في أي تعليقٍ أو رأيٍ أشهره، المنزلة المريعة التي وصل إليها ضاحي خلفان، وهو يخوض في قتل أشخاصٍ بعينهم في بلد مجاور.
لا مدعاة للتذكير ببديهية أن أي خلافٍ سياسيٍّ بين دولةٍ وأخرى لا يجيز ما لا يستحي ضاحي خلفان من ارتكابه. ولا مدعاة لتذكير الأخير نفسِه بزهوه بظهوره مراتٍ على شاشة 'الجزيرة' قبل أن يرتكب الإخوان المسلمون 'جريمة' نجاحهم في الانتخابات النيابية والرئاسية في مصر في 2012. ولا مدعاة لتذكير المذكور بفشل أمن دبي وشرطتها واستخباراتها في القبض على أي أحدٍ من 18 أجنبيا دخلوا الإمارة الزاهرة من مطارها، خططوا وقتلوا الشهيد الفلسطيني أحمد المبحوح في فندقٍ فيها، ثم خرجوا من المطار نفسه، وبجوازات سفرٍ لم تكشف أجهزة مطار دبي المختصّة تزويرها. لا مدعاة لاستدعاء هذا كله، وغيره كثير، من أرشيف ضاحي خلفان غير المشرّف، فالوقت إنما هو لما بات يشكله هذا الرجل من خطرٍ معلنٍ على ناسٍ آمنين في دولة قطر. وأصحابُ الأهلية القانونية في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، وزملاؤهم في شبكة الجزيرة، أعلم من غيرهم بما يلزم البدء به من إجراءاتٍ لجلب هذا الشخص الذي يتولى مواقع في حكومة بلده، إلى ساحات العدالة والقصاص، لتكون رسالةً له ولأمثاله، مفادُها بأن للصبر والتساهل حدودا.

نيسان ـ نشر في 2017-11-26 الساعة 13:59


رأي: معن البياري كاتب اردني مغترب

الكلمات الأكثر بحثاً