اتصل بنا
 

نكتة الحفاظ على الطبقة الوسطى

كاتب وصحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2018-01-24 الساعة 14:41

نيسان ـ

من أكثر النكات التي تطلقها الحكومات المتعاقبة في البلد، إنهم يبذلون كل ما في طاقتهم للمحافظة على الطبقة الوسطى.

ولأن الطبقة الوسطى في قمة الاهتمام الحكومي، لم تدخر وسيلة إلا واستخدمتها، لعصرها وتنظيف جيوبها من اي مدخرات، سواء كانت طويلة أو قصيرة الأمد، حتى بات اول الشهر كآخر الشهر بالنسبة لكثيرين ممن هم ضمن هذه القائمة المغضوب عليها.
وبما أن كرامة المواطن والاهتمام بأولوياته المعيشية هي من أبرز الاهتمامات الحكومية، كما قال أحد المسؤولين الكبار قبل أيام، فقد تبين أن 40 في المئة من المزارعين مطلوبين للتنفيذ القضائي، وهذا بكل تأكيد نتيجة إصرار الحكومة على حماية المزارع والحفاظ عليه من الضياع .
وبالرغم من ذلك، فقد قررت الحكومة إخضاع مدخلات الانتاج الزراعي، والمنتجات الزراعية للضريبة العامة على المبيعات بنسبة 10% ، وترافق هذا كله، مع دراسة لاتحاد النقابات والجمعيات الزراعية، أشارت إلى أن القطاع الزراعي شهد خلال السبعة أعوام السابقة، تدني أسعار الخضار والفواكه بشكل كبير جدا، نتيجة الاوضاع الاقتصادية المحلية وعدم القدرة على التصدير.
بالإضافة إلى خسائر متلاحقة من قبل القطاع الزراعي (مزارعون وشركات ومشاتل زراعية وتجار الخضار والفواكه والمصدرون) الأمر الذي رفع من نسبة المزارعين المطلوبين للتنفيذ القضائي الذي تجاوزت الـ 40% من المزارعين، عدا عن إفلاس عدد من الشركات الزراعية، وترك الكثير من الأراضي بدون زراعة، وتسريح العديد من الموظفين في القطاعات التي لها صلة بالمزارعين، كمصانع البلاستيك ومصانع العبوات الزراعية. أما طبقة العمال والصناعيين فقد يكونون جميعهم مطلوبين للتنفيذ القضائي، نتيجة للكثير من الحب الذي تمارسه الحكومة يوميا.
ولفرط حبها لمواطن الطبقة الوسطى الغالي، فقد تركت الحبل على الغارب، وأعطت لنفسها الحق لفرض الكثير الضرائب والحرية المطلقة لرفع الأسعار، فارتفعت بجنون، ولم تكلف خاطرها منع الاحتكار بكافة صوره وأشكاله وحيله؛ لأن المواطن يستحق أن يشتريَ بالغالي.
رفع الأسعار لم يقتصر على ذلك، فقد طال كل ما هو رخيص ليتحول إلى «غالي»، حتى العدس والفلافل والفول وبيض المزارع والزيت.
وحب الحكومة للطبقة الوسطى، يتكرر باستمرار في فواتير الكهرباء، أما ضريبتا الدخل والمبيعات، والضريبة على الضريبة، والضريبة على البنزين، وغيرها من الضربات القاضية، فهي تعبير واقعي عن قمة العشق والدلال.
وعليه فإن الإبقاء على نكتة المحافظة على الطبقة الوسطى باتت مصطلحا عديم النفع ونكتة مكررة ولا جدوى منها.

نيسان ـ نشر في 2018-01-24 الساعة 14:41


رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً