اتصل بنا
 

هل عمّرنا هذه الأرض؟ ...أم ان غيرنا أحق بها منا

نيسان ـ نشر في 2017-12-12 الساعة 19:23

نيسان ـ

هذا المساء، جلست في مكان لطالما اطمأنت له نفسي، مكان دائما ما أجد فيه السكينة، مكان اعتدت أن اختلس فيه النظر الى الشمس وهي تتعرى من أشعتها، التي تمنعنا دائما من رؤية جمالها، لتلبس حمرتها ... تلبس شفقها ...تلبسه وتتركني وحيدا...وقبل أن تتركني دعوت النادل وطلبت منه صحن سلطة سيزر ...وطلبت منه كذلك تذكرة سفر الى المكسيك ... المكسيك التي اعشق زيارتها كل أسبوع...الا ان رحلتي هذه المرة الى المكسيك كانت مختلفة عن كل المرات التي سافر اليك طيفي ايتها المكسيك.

حلّقت مع طيفي عاليا جدا، وبينما أنا محلق بطريقي الى المكسيك، أبى طيفي الا أن يجعلني أنظر الى الأسفل، فرأيت عمان... فتبسمت، ورأيت البتراء، ورأيت بابل، وبرج دبي، واستدرت لأرى الاهرام وأبو الهول، وحلقت قريبا من فوق القدس ونظرت نحو قبة الصخرة، وأكملت تحليقي فوق تونس والجزائر والمغرب... ومن ثم استدار طيفي ليعود بي الى طاولتي... وبكل عنف، القى أمام بكل قوة كتاب من ألف صفحة... القى به على طاولتي وقال لي ... هذا كتاب التاريخ... تاريخكم يا عرب ... لا تقرأه... بل قلب صفحاته...

وأنا بين خوف و شوق، فتحت أول صفحة، من كتاب التاريخ، فتحتها فكانت صورة للبتراء، وشرح عن عظمتها وعظمة سكانها، وقلبت الصفحة الثانية ، لاجدها مكتظة ببيوت الشعر الجاهلي، مع قائمة بأسماء شعراء طويلة، ففتحت الصفحة الثالثة فكانت صفحة الادب فيها الادباء والفلاسفة وكل علماءء اللغة... ارتحت لجمال تلك الصفحات.. ففتحت الرابعة التي احتوت على فتاوى وأحاديث، وتحريم كثير وقائمة طويلة جدا من أسماء علماء الدين، وفتحت السادسة والسابعة وكلها تحريم وتحريم وقليل من التحليل... وقلبت مسرعا فوصلت الى الصفحة المائة ولم تنتهي تلك القائمة... عندها أقفلت الكتاب ....وعدت وفتحته من المنتصف فوجدت فيه الدماء... أسماء معارك كان بعضها محق وبعضها غير محق، الا ان تلك الصفحة احتوت على قائمة بأسماء جميع من قتل... قتل بحق او بدون حق...قلبت مسرعا الصفحات الحمراء التي تلونت بلون الدم ... لأ بحث عما عمّرناه، عما انجزناه لهذه الأرض ... فلم أجد الكثير ... وتعبت وأقفلت الكتاب.

أقفلت الكتاب ونظرت الى صحن سلطة سيزر، وقلت له حتى أنت ايتها السلطة يونانية .... كل انجازاتنا العربية لا تساوي إنجاز او اختراع بحجم السيارة او بحجم الطيارة... كم نحن ضئيلين... ضئيلين بإنجازنا ... وكبار بلساننا...

#الانسان_المهدور

نيسان ـ نشر في 2017-12-12 الساعة 19:23


رأي: محمد ملكاوي

الكلمات الأكثر بحثاً