اتصل بنا
 

#المصاري_هي_السعادة

نيسان ـ نشر في 2017-11-05 الساعة 16:18

نيسان ـ

كثير من قيمنا التي نشأنا عليها متخلفة!، لأنها بُنيت على مفاهيم مُحبطة و نابعة من إيمان أمة عجزت عن التقدم، ومن تلك المفاهيم.

'المصاري وسخ إيدين'، مفهوم وقيمة غرست فينا، 'الحيط الحيط و ياربي الستيرة'، قيمة ومفهوم اكتسبناه من مجتمعنا، 'الظالم له يوم'، قيمٌ آمنا بها إلا البعض منّا، الذين كبروا واكتشفوا أن وسخ اليدين ضروري ليعيشوا، وأنه لايوجد منه الكثير في الوطن، اكتشفوا أن الحيط في الوطن منخفض ولم يعد يستر العورات، اكتشفوا أن الظالم ينتصر دائما، وأن يومه ليس بالقريب.

لذلك ذهبوا الى سوق الشابسوغ، وأشتروا بقليل من وسخ اليدين الذي استدانوه من بعض من يملكه، وابتاعوا به حذاء و قميص وبنطال، وحملوا حقيبة السيمسونايت التي بها شهاداتهم الجامعية وحفنة من أوراق خبراتهم، وبعض من ذكرياتهم، وشريط أغاني يذكرهم بأيام كانت جميلة، متجهين إلى أرضٍ جديدة، أرض ٍ تعدهم بالكثير من وسخ اليدين، أرضٍ قد تكون حيطانها قادرة على ستر عوراتهم، حيطانٍ قد تكون أعلى من حيطان وطنهم.

قد يكون الكثير منهم قد ركبوا الطائرة لأول مرة، آلة الزمن الاي سوف تنقلهم بين عالمين، بين قيمتين، لذلك كان من أهم ما يحافظ عليه أحدهم وهو الحرص الشديد على تلميع حذائه، والمحافظة على كفة البنطال، ونظافة قبّة قميصه 'الياقة'، الذي لا يعلم متى وأين سوف يغسلهم في البلد الجديد، قميصه وبنطاله وحذائه سوف يكونون رفقاء دربه بكل مقابلة ينجح بالوصول اليها، بكل شارع يجوبه طولاً وعرضاً، على أمل أن يكون خلف أحد أبواب محلاته رزقاً مقسوماً له.

ويكتشفون يوماً بعد اليوم، أن الرزق بعيد، وأن الحال يضيق، وأن شهاداتهم وجامعاتهم لم تضمن لهم أقل الوظائف مرتبةً، ولم تكفل لهم غداء يومهم التالي، وكلما ضاق الحال، تدنت الآمال، وضاق الافق حتى انه لم يعد يتسع لأكثر من وظيفة بمطعم، أو كازية أو بمحل بقالة، واذا حصل على مكتب بشركة متدنية المستوى فيكون من أصحاب الحظوظ الموفورة.

هؤلاء كانوا ومازالوا نشامى، لأنهم رفضوا قيم الاحباط، رفضوا قيم النكوص، رفضوا قيم الانهزام، وتركوا وطن كانوا هم أحق الناس به، لكنّ أهلهم قصّروا بحقهم ذلك لأنهم آمنوا بأن 'المصاري وسخ الإيدين'، فلم يجمعوا منها الكثير، الكثير الذي يَقي ابنائهم غربة وطن، والظالم الذي لم يأتي يومه بعد في وطنهم، استكبر وتعالى وتجبر وسرق كل وسخ الإيدين الذي رفض عموم الشعب جَمَعه، فجمعه الظالم وعدده.

القيم تعني المقابل، تعني الثمن الذي يعادل التكلفة، وهي الاعتدال و الإستقامة، وهي الأدوات التي يسلّحك بها والديك لتستطيع أن تمشي بالأرض عرضاً و طولاً، تلك الأدوات التي تحتاجها لتدافع بها عن وجودك وانسانيتك وجنسيتك، وبالتبعية وطنك، القيم هي الميزان الذي تضع عليه قراراتك، وتمضي بها إذا توافق قرارك مع قيمك، و تعتذر عن أي قرار يخالف قيمك، لذلك القيم تعادل وجودك وصورتك.

قيمة 'المصاري وسخ الإيدين '، هدّمت اقتصاد وطن، فكيف يمكن أن نبني اقتصاد وطن بالوسخ وهي المصاري، كيف نلوم وزير الاقتصاد على فشله ببناء وتطوير اقتصاد بلده و شعبه يعتبر أن المصاري وسخ الإيدين، لماذا لم يقنعونا بأن المصاري هي السعادة، ويتهم فيها كل ذي جاهٍ ومال بأنه حرامي، والحقيقة أنك ضعيف، فصاحب الجاه تعب و سهر الليالي ليجمع ماله حتى ولو كان مسروقاً، فالمصاري لا تقُطف من الشجر.

وقيمة 'الحيط الحيط و ياربي الستيرة '، هدمت حرية التعبير، تلك القيمة فتحت باب الخوف بداخلنا على مصراعيه، ففتك قلوبنا و إغتصب شجاعتنا المكبّلة بأغلالٍ صنعت من قيمنا، ومازالت شجاعتنا الضعيفة تغتصب كل يوم، ولذلك فأنك تفكر عشرات المرات قبل ان تضع 'لايك' على بوست، أو تراجع مقالك عشرات المرات، حتى لا تقترب مجرد إقتراب من أي مادة من مواد قانون الجرائم الإلكترونية، كل ذلك من مارد الخوف بداخلنا الذي يتبدى برفرفة جفونك بحركة غير منتظمة بينما رجل الأمن يفحص جواز سفرك.

أما قيمة 'الظالم له يوم'، فهذه قيمة أُسميها بقيمة المستسلمون، هذه القيمة جعلتنا نرمي اسلحتنا و نرفع أيدينا ونقول استسلمنا، وما زلنا منذ عشرات السنين ننتظر الحلقة الأخيرة من مسلسل حياتنا، التي نتوقع أن الظالم فيها سوف يعاقب على ظلمه بقوة الآلهه، أو بنهاية هوليودية جميلة من دون تدخل منا نحن معشر المُحبطين.

أنا لا أتحامل على نفسي ولا على جيلي ولا على جيل آبائنا ظلماً، فما نحن عليه الآن صناعة ذلك الجيل، وما سيكون عليه ابناءنا من صناعتنا، لذلك أقول استنفروا خفافاً وثقالاً، استنفروا لإنقاذ الجيل الذي لم يبلغ من العمر السادسة عشر، استنفروا لإنقاذه، لأنها اخر الأيام التي يمكن أن يقبل سلوكهم التعديل، فلنعلمهم أن المصاري هي سعادة، ففيها نبني جامع وفيها نبني كنيسة، فيها نبني جامعة و فيها نبني مصنع وبها نشتري دبابة و فيها نصنع قلم نكتب فيه تحررنا.

علموهم أن الحيط لم يعد قادر على حمايتنا، لأن حيطاننا صار منخفض، وأن عِلمك وكلماتك هي حق، والذي يتنازل عن حقه لا يساوي الأكل الذي يأكله.

علموهم بأن حرية التعبير هي حياة، فلولا صورة فيديو لموقف رجال الامن نشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، لما تحرك الناطق الرسمي باسم الجهاز للإعلان عن البدء بالتحقيق في الساعة الثانية عشرة ليلاً بسلوك رجال الأمن.

كفانا تجريعاً لأبناء هذا الوطن الإحباط، ونكوص وتراجع، كفانا إنهزامية، فالأوطان تبنى بالنشامى والنشميات ولا تقام على جثث المهزومين من ابنائها.

وبناء الوطن فرض عين وليس فرض كفاية على كل مواطن... واخيراً ارحموا عزيز قوم اغترب عن وطنه...

#الانسان_المهدور
#مايجب_ان_يقال

نيسان ـ نشر في 2017-11-05 الساعة 16:18


رأي: محمد ملكاوي

الكلمات الأكثر بحثاً