اتصل بنا
 

بأي حالٍ.. هو عيد

نيسان ـ نشر في 2017-09-05 الساعة 14:37

عيد الأضحى في سوريا: اتفاقات غريبة واعتراض على التذمر.
نيسان ـ

يتوقف المحللون لعمل جردة حساب خلال العلامات الزمنية الفارقة، ويبدو عيد الأضحى مناسبةً جيدةً لذلك، فقد دخلت المعادلة السورية متغيراتٌ جديدة، وتنظيم الدولة الإسلامية ينكمش بسرعة كبيرة، تضاهي سرعة انتشاره، وجيش النظام يتمدّد بالسرعة نفسها، وكأن بينهما اتفاقاً على تبادل النفوذ.. واعتراضاً على عمليات الجَرد مسبقة النتائج، ينشر نشطاء 'فيسبوك' تحذيراتهم للآخرين، ويدعونهم إلى عدم التذمر من العيد، باستعارة شطر بيت أبي الطيب المتنبي الشهير 'عيد بأية حال عدت يا عيد؟'. مل النشطاء من العيد، فتمثلوا كلمات المتنبي، ومل آخرون من الملل نفسه، وأضجرهم الشطر الشعري، على الرغم من أن قائله ملأ الدنيا وشغل الناس.
يريد النشطاء أن يقولوا إن لا شيء يتغير، ويعتري الحالَ ظرفٌ من الركود. والأمر يستدعي هنا وقفة أكثر عمقاً من مجرد الاعتراض على التذمر، والحث على عدم تكرار بيت المتنبي، الشاعر الذي قال شطره الشهير لأسبابٍ سياسية، وأضاف إليه نشطاء 'فيسبوك' بعداً حياتياً فسألوا: كيف عاد عيد الأضحى هذا العام؟
استيقظ السوريون، صبيحة العيد، على اتفاقين جديدين، الأول في الجنوب ويتلخص بعودة طيار النظام الذي سقط قبل أسبوعين وهو يقصف مناطق الآمنين، ليس وحده بل أُعيد معه ثلاثون عنصراً من جيش النظام. وباستدعاء اللكنة الحادة والشروط العالية التي تحدَّث بها مَنْ تمكّن من إسقاط طائرة الطيار ومن ثم أسره، قد نجد اتفاق إعادته مجهولَ البنود غريباً وضبابياً.. لا يقل الاتفاق الثاني غرابة، وهو اتفاق جرود عرسال بين حزب الله وتنظيم داعش، فقد كانت محطات التلفزيون منهمكة بنقل وقائع المعركة التي يفترض أنها بين الجيش اللبناني والتنظيم، ليتوقف العرض فجأة وينقشع البارود عن اتفاق موقَّع ينص على نقل أفراد التنظيم وعائلاتهم إلى مسافةٍ لا تقل عن خمسمائة كيلو متر ضمن أراضٍ يسيطر عليها النظام وتحت لافتات إنسانية. تختلط في هذا الاتفاق الأوراق، إلى درجة عدم التفريق بين الأدوار التي يلعبها النظامُ السوري أو الجيش اللبناني وحزب الله، وسر طريقة التعامل الرحيمة مع عناصر تنظيم الدولة الإسلامية 'أعدى أعداء الحزب'.
من الصعب الآن فصل المكونات السياسية التي دَخلت في الخلاط الذي دار بأقصى سرعة، مخلفاً وراءه أسئلةً وعيوناً مثقلة بالدهشة، لكن الواضح أن عملية إحلال كبرى جرت خلال الأشهر القليلة الماضية، ولم تنته بقدوم هذا العيد، فقد أُخرج تنظيم الدولة الإسلامية من كامل الصحراء السورية وأرياف حلب وحمص وحماة، وأُدخلت قواتُ النظام بدلاً عنه، مع انتشارٍ لها على يمين الطريق الدولية ويسارها، وبمسافةٍ كافية لتأمينه، كما أُخرج عناصر التنظيم من دون قتال من المنطقة الحدودية السورية اللبنانية، وأُحل حزبُ الله الحليف الأقرب للنظام السوري مكانهم.
المثلث الذي ما زال تنظيم الدولة الإسلامية يمتلكه في الجنوب لن يكون مستثنىً من حالة الانحسار العام الذي يشهده التنظيم، وقد يكون هذا الانحسار لصالح مجموعتي 'أسود الشرقية' و'قوات أحمد العبدو' اللتين سلمتا الطيار مع رفاقه للنظام، ضمن بنودٍ معلنة ومنشورة، ولا يستبعد أن يكون تنظيم الدولة الإسلامية خارج هذا الاتفاق، وهو في طريقه إلى الاضمحلال النهائي.
مرّ عيد الأضحى هذا العام على البيت الحرام من دون حوادث تذكر مع وجود حجاج إيرانيين ومحدّدات وشروط خاصة على الحجاج القطريين، وعاد العيد كما يعود كل عام، وقد أرسلنا رسائل تهنئة للمعارف، والحقيقة الراسخة شبه تلاش لتنظيم الدولة الإسلامية في سورية وظهور قوي لجيش النظام.
إن كان المتنبي يسأل عن حاله، وقد خرج من مصر هارباً بعد أن هجا ملكها كافور الإخشيدي الذي سطا على كرسي الحكم، وتنكّر لكل الوعود التي قدمها للشاعر، فلم يجد الأخير بداً من الهرب، واستعمل السلاح الذي يجيده وهو الشعر، وأصدر البيت الذي يحذرنا النشطاء من إعادة استخدامه، فحالنا مع عودة العيد هو رحيل 'داعش' مخلفاً وراءه نظام الأسد.
مشاركة

نيسان ـ نشر في 2017-09-05 الساعة 14:37


رأي: فاطمة ياسين

الكلمات الأكثر بحثاً