اتصل بنا
 

مهمّة تنتظرنا

مفكر عربي

نيسان ـ نشر في 2016-09-25 الساعة 11:51

تسريبات الملاحق الإضافية لاتفاق الهدنة الأميركي الروسي تؤكد أن النظام السوري يمثل الجهة الرسمية ولا توجد جهة مستقلة تمثل المعارضة، مما دفع الطرفين للتواصل مع الأسد والتعامل مع دول داعمة للمعارضة. تقويم الدولتين لائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية يعتبر انتقالاً من رؤية تعتقد أن المعارضة ليست بديل النظام إلى رؤية تؤمن بأن المعارضة تفتقر إلى القدرة على اتخاذ القرارات المطلوبة. الحاجة إلى قصر تعامل أميركا وروسيا على داعميهما والفصائل المقاتلة، والتي عليها بلورة هيئات ومكاتب سياسية خاصة بها، مستقلة عن الائ
نيسان ـ

في تسريبات الملاحق الإضافية لاتفاق الهدنة الأميركي الروسي، والذي رفضت واشنطن نشره، نقطة على قدر كبير من الأهمية، تخبرنا أن طرفي الاتفاق يعتقدان أن النظام يمثل الجهة الرسمية، وأنه لا توجد، في المقابل، جهة مستقلةٌ تمثل المعارضة السورية. لذلك، قرّر الطرفان، على ذمّة ما نشر، التواصل مع الأسد، والتعامل مع الدول الداعمة للمعارضة، باعتبارها مرجعيتها وصاحبة قرارها، ليس في ما يتعلق بالهدنة تحديداً، وإنما كذلك في مجمل القضايا التي يقال إنهما تفاهما عليها، وتتصل بمستقبل المنطقة عموماً، وخصوصاً منها ما قرّرا القيام به، قبل الحل السياسي تجاه إسرائيل وإيران والمملكة العربية السعودية وتركيا ونظام الأسد الذي تدّعي التقارير المنشورة أنه باقٍ، وأن صلاحيات رئيسه ستشمل الوزارات السيادية، في الحكومة التي سيشكلها، لتعمل تحت إشرافه.
أعتقد أن تقويم الدولتين لائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية صحيح، وأنه لا يجافي سياساتهما، بل هو مجرد انتقال من رؤيةٍ تعتقد أن المعارضة، كما يمثلها "الائتلاف" ليست بديل النظام، كما اكد ممثلوهما مرات عديدة، إلى رؤيةٍ جديدةٍ تؤمن أن المعارضة تفتقر إلى القدرة على اتخاذ القرارات المطلوبة، في حال توصلت الدولتان إلى حل سياسي للصراع في سورية. أما السبب فهو أن ممثلها الشرعي، أي "الائتلاف" لا يمون على القوى المقاتلة والداخل السوري، ولا يستطيع تمرير ما قد يوافق "المجتمع الدولي"عليه. لذلك، تصبح الحاجة إلى قصر تعامل أميركا وروسيا على "داعميه" من جهة، والفصائل المقاتلة من جهة أخرى، والتي عليها بلورة هيئات ومكاتب سياسية خاصة بها، مستقلة عن "الائتلاف" قادرة على اتخاذ قراراتٍ تنفيذية تتعلق بتطبيق الحل، إلا أنه، وبالنظر إلى تشرذم الفصائل الذي يحدّ من قدرتها على تطوير نفسها وبلورة موقف موحد تجاه أي أمر يطرح عليها، فإن أميركا وروسيا تجدان نفسيهما مجبرتين على التعامل مع داعميها أيضاً.
عندما قال الروس، وبعدهم الأميركان: أنتم لا تستطيعون تولي الحكم وإدارة البلاد، لأنكم لا تمونون على جيش السلطة وأمنها، وعلى فصائلكم المقاتلة، وقراركم ليس بيدكم، كان رد فعلنا غمرهم بسيول من الشتائم، بدل الانصراف إلى إقامة أوضاع تقنعهم بأننا صرنا مؤهلين لاستلام السلطة، وبناء نظام ديمقراطي بديل، وإلى تحطيم جيش الأسد وأمنه، بحيث لا تبقى حاجة إليهما في المرحلة التالية لإسقاط نظامه، فضلا عن امتلاك قوةٍ منظمةٍ وموحدةٍ، تمكّننا من إدارة وطننا، وضمان أمن الإقليم والعالم وسلامهما، والخروج من فوضى الاقتتال والصراع، من دون مشكلات جدية.
واليوم، يقول الطرفان الدوليان إننا نفتقر إلى مرجعيةٍ مستقلة. لذلك، سيقرّران مصيرنا بالتعاون مع البلدان التي تمسك بنا وبقرارنا. يطرح هذا الموقف علينا سؤالاً عملياً، يرتبط به مستقبلنا ومصير وطننا: هل نغمرهم بالشتائم من جديد، أم نبادر إلى بناء قرارنا الوطني المستقل الذي بحّ صوتنا ونحن نطالب به. اقترحنا خططاً عديدة توصلنا إليه، لأن مصيرنا سيبقى في أيدي غيرنا بدونه، ولأن ما سيقبلونه ويرفضونه لن يتعيّن بمصالحنا ومطالبنا، ولن يلبيها، بل بمصالحهم ومطالبهم التي سيكرّس لتلبيتها.
هل سنغمر اليوم أيضا الدولتين بسيولٍ من الشتائم التي سيكون من المؤكد بنسبة مائة بالمائة أننا وحدنا من سيغرق فيها، وخصوصاً إذا لم نسارع إلى إرساء أوضاعنا على أسس جديدة وثورية حقاً، تجعلنا، في أمد غير بعيد، مرجعية مستقلة لقضيتنا التي طال احتجازها دولياً وإقليمياً، وللسوريات والسوريين، ولم نصبح، بالقول والفعل، قائدا لثورةٍ يصعب أن تنتصر، إذا لم يعترف الصديق والعدو بها، وبشرعية ما تطالب به وتقاتل ضده.

نيسان ـ نشر في 2016-09-25 الساعة 11:51


رأي: ميشيل كيلو مفكر عربي

الكلمات الأكثر بحثاً