اتصل بنا
 

إرث ثقيل يحمله مجلس النواب الـ 18

كاتب وصحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2016-09-25 الساعة 11:17

مجلس المساكين يحمل إرث مجالس المصالح المتضاربة ويحتاج إلى نواب صلبين وقويين لتحقيق التغيير.
نيسان ـ

لا يمكن ان نطلق على المجلس الثامن عشر الذي تم انتخابه مؤخرا، من خلال عملية ولادة قيصرية معقدة، إلا «مجلس المساكين»؛ كونه سيحمل إرث المجالس السابقة التي كان افضل وصف لها بمجالس «المصالح المتضاربة».
يدخل النواب الى القبة وفي حقائبهم الكثير من القوانين والقضايا، بعضها معلق، وبعضها معقد، والكثير منها مستهلك، ولكن اعادة الحديث فيها، والخوض في تفاصيلها بات ضرورة ملحة وعاجلة.
ومن المتوقع ان تشهد اوائل الجلسات سخونة كبيرة، ومحاولة الناشطين الجدد لملمة الأوراق، والبحث عن مكان تحت الضوء، يعرضون فيه توجهاتهم نقلًا عن قواعدهم الانتخابية التي أملت فيهم الكثير، ومنحتهم ثقة كبيرة رغبة منهم في حدوث أي تغيير.
وعلى الرغم من ان الوضع الراهن يتميز بالضبابية، إلا أن التحولات الهامة والجذرية أعطت انطباعًا أن هنالك صراعًا بين تيار الفقراء ضد تيار المفسدين، وأن هنالك أملًا كبيرًا أن يتم تصحيح شامل لأوضاع البلد، وهي عملية معقدة، وتحتاج من النواب الجدد صحوة وضميرًا وعقلًا منفتحًا قابلًا لسماع كل الآراء دون تمييز.
سجلات المجالس السابقة في خذلان قواعدهم الانتخابية كثيرة ولا يمكن حصرها، ولكن هذا الخذلان بقي مرهونًا بقدرة بعض النواب على تسيير بعض المصالح الضيقة والآنية؛ وأقصد هنا «نواب الخدمات».
أما القوانين الاستراتيجية التي يتجلى فيها معنى الديمقراطية فقد كانت تائهة، واعتمد الخوض في تفاصيلها على الخطابات الرنانة الرافضة، ولكن الايدي لم ترتفع الا للموافقة «يعترضون شفاهة، ويوافقون بالبصم».
ولكن يمكن نقل تسمية ظريفة لما يسمى بالديمقراطية التي كانت تمارس داخل مجالسنا المتعاقبة، والتي جرى تسميتها بديمقراطية الاقوياء؛ فهم وحدهم الذين يحق لهم ما لا يحق لغيرهم، وهم وحدهم الذين ينفردون بالسمع والطاعة، أما الآخرون فهم مجرد كلمات وخطب رنانة.
وإذا كانت الديمقراطية التي سخر منها تشرشل، ووصفها بأنها «أهون الشرور»، تعطلت إزاء ما فعله نواب المجالس السابقة، فإن المجلس الحالي سيحمل هذا الارث الثقيل من الخذلان والتراجع.
وإذا أراد النواب الجدد التغيير، فعليهم ان يكونوا من الصلابة والقوة بحيث يكون لهم شرف تعديل النظرة المؤلمة لمفهوم البسطاء الخائف والمضطرب عن العمل النيابي.
واخيرا، على النواب الجدد ان ينتبهوا الى الحوار الذي تصر الحكومة على قيادته بين مكونات المجتمع الاردني، ومن ضمنهم النواب، والذي لا يمكن تسميته إلا «حوار الطرشان»! او الحوار من طرف واحد.
فحكوماتنا هي الوحيد التي يجتمع مسؤولوها مع كافة قطاعات الشعب ونخبة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ويتحاور معهم، بل يجادلهم بالتي هي أحسن، ويصر المسؤولون فيه على الحوار المعمق، والعصف الذهني، وأخذ الآراء والتشاور، لكن القرار في النهاية يصدر بعيدًا عما دار داخل هذه اللقاءات والحوارات (النقاش في واد والقرار في واد آخر).

نيسان ـ نشر في 2016-09-25 الساعة 11:17


رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً