اتصل بنا
 

المهاجرون و الأنصار

كاتبة صحافية

نيسان ـ نشر في 2017-10-24 الساعة 13:26

نيسان ـ

عندما نفض الاستعمار يده عن الشرق الأوسط، تآمر من تآمر على أرض فلسطين لتصبح موطنا لليهود المشتتين في أنحاء العالم فتشرد الملايين.

لجأ المنكوبون إلى الدول المجاورة و غير المجاورة و إلى الدول النائية، وتغير مجرى التاريخ و أصبح مصير ملايين العائلات سائرا نحو المجهول و إلى عوالم الفقر و الغربة و إلى رحلة البحث عن عمل من نقطة الصفر.
حدث كل ذلك على مرأى و مسمع العالم وصمت من صمت و شجب من شجب و النتيجة أن أصبحت أجمل بقاع العالم بثرواتها.. عبرية!
منذ نعومة أظفارنا، أرضعونا القضية فسرت منا مجرى الدم، ففهمنا أن ملكا لنا قد سلب منا وأنه لا بد من استعادته في يوم من الأيام، وذلك عندما يؤذن لنا بخوض المعركة، ويجب أن لا ننساه ما حيينا.

حين كبرنا أيقنا أن المفروض شيء و الواقع شيء آخر، واقعنا الذي علينا أن نقبله أن العربي ضعيف، فقير، لا من قوة تدعمه ولا يملك العدة كي ينتصر على الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح!
وصار علينا أن نفهم أن الإرادة العربية مقموعة يجب ألا تنمو فيها أية بذرة من بذور التطلع و الطموح..

بعد الوصول إلى هذه المرحلة من اليأس، اختار الشعب التخلي عن الحلم الأهم و الأكبر في استرداد حقه و قرر قبول الوضع المؤقت على أنه وضع دائم و الانخراط في المجتمع الذي يعيش فيه و خصوصا أولئك الذين أكرمتهم السلطات بالجنسية فصار يتمتع بحقوق المواطنة التي ستعوضه عن خسائر الماضي!

ولكن هل فعلا تجانس الشعبان؟ هل أمسوا مهاجرين و أنصار كما كان يصفهم الحسين رحمه الله؟ إذا كانا كذلك فلماذا لا نراهم يتزوجون من بعضهم إلا في قليل من الحالات؟! لماذا يتردد السؤال البغيض: من أي منطقة أنت؟ و الكل يعلم أن كثيرون جاءوا من غرب النهر؟ و لماذا مشهد الجهل و الشغب و التخلف الذي يتكرر في لقاءات كرة القدم و التي تعد فضائحا بمعنى الكلمة؟ و لماذا يتحزب بعض الطلاب في الجامعة و تحدث بينهم مشاجرات مخزية على خلفية الأصول؟
ولماذا يُنظر و يتعامل مع الأخ المواطن المنحدر من أصول فلسطينية كأنه أقل قدرا و مكانةً؟

لقد كانت الأراضي العربية دولة واحدة في زمن الخلافات الإسلامية وكثير من العائلات ذات جذور واحدة و لكنها توزعت في بلدان الوطن العربي و لم يحتفظ الكثير باسم عائلته و بعضهم تغير لقبه عندما تعاقبت الأجيال، و الأهم من ذلك أن قيمة الإنسان خلقه و عمله، أما الأصل و الحسب و النسب هم معايير جاهلية.

ولو نظرنا إلى الأسباب لوجدنا أن الأسرة هي وراء هذه المفاهيم الخاطئة، وهي التي زرعتها و عززتها سنين طويلة! علما أن هذه النعرات موجودة في كثير من المجتمعات ولكننا يجب أن لا نخاف من نكأ الجرح ومعالجته!

من الممكن أن نحترم اختلاف الثقافات و أنها قد تشكل عائقا لدى الزوجين، ولكن ليس هذا حالنا، فثقافة الأردنيين متقاربة جدا و الأولى أن يكون الإندماج والتحاب و التعامل أفضل بكثير مما هو عليه الآن، ويجب أن يتوقف الأجداد و الآباء عن توريث الأبناء ثقافة الغرور والأنانية و العصبية القبلية حتى ننهض بجانب مهم من جوانب المجتمع عله يرقى إلى المثالية.

نيسان ـ نشر في 2017-10-24 الساعة 13:26


رأي: عنان الدجاني كاتبة صحافية

الكلمات الأكثر بحثاً