اتصل بنا
 

عن تأسيس الأحزاب وفرطها

نيسان ـ نشر في 2017-10-25 الساعة 09:39

x
نيسان ـ

محمد قبيلات...ليس أسهل على الأردنيين من تأسيس الأحزاب وفرطها، ففي الوقت الذي يتهيأ الباشا عبد الهادي المجالي لفرط حزب التيار الوطني، طالعتنا بعض المواقع الإليكترونية بخبر عن 'مساع جادة لإطلاق حزب ديمقراطي مدني اجتماعي جديد'، وذكرت أن من بين الساعين لتأسيس الحزب النائب في البرلمان قيس خليل يعقوب الزيادين، وهو حفيد المناضل الوطني الأردني يعقوب زيادين.
لا ضير في ذلك، لكن يجب ألا تنحصر الرغبة بتأسيس الحزب السياسي في حدود الغايات الفردية البسيطة، كمثل هدف الشخص الوصول للبرلمان، فلا بد للحزب السياسي أن يمتلك بداية الرؤية التي تحدد مساراته التي يستشرف من خلالها آليات عمل جادة تخرج البلاد من أزماتها وتحل مشكلاتها المركبة التي دخلت مرحلة عميقة من الاستعصاء.
إن التسرع والاستسهال في تأسيس الأحزاب خلق حالة من الملل لدى الشارع الأردني، حتى بات لا يثق بفكرة الأحزاب من أساسها، فأصبح الحزب مجرد واجهة ديكورية تستفيد من وجودها جهة أو جهات معينة لغاية محددة، ما رسخ شعورا باللاجدوى من هذه الواجهات في ظل تجاوز الشارع فكرة الحزب وحمل مطالبه مباشرة والضغط بها على (السيستم) من خلال التهديد بتقويض كل شيء.
ما جرى في العشر سنوات الأخيرة يثبت أن لدى الشارع القدرة على المطالبة بحقوقه من دون وساطات حزبية، ولقد رأينا حيرة الأحزاب في كيفية التعامل مع الحراكات المطلبية، الصغيرة من حيث عدد القائمين عليها، والكبيرة من حيث وجاهة مطالبها وتعاطف مختلف فئات المجتمع معها، وثبت انها ذات تأثير قوي على مراكز القرار كونها شرارة قد تحرق الأخضر واليابس.
المحك الأكبر اليوم للحزب هو درجة قناعة ورضا الجمهور عنه، فلم تعد الأفكار الطوباوية الحالمة تستهوي الناس، بل القصة متعلقة اليوم بالهوية، فقد تراجع الحلم ببناء هوية قومية أو فكرية جامعة، أمام ما استبد بالشارع من هويات فرعية.
وفي هذه الأجواء المتلبدة بغيوم الشك واللايقين، صار انشداد الإنسان أكثر للهوية الضيقة، إذ لم تنجح الأحزاب المتسلحة بالأفكار 'الخلّاقة' أو 'المتمدنة' في استقطاب العدد الكافي من الأعضاء لإحداث أي اختراق، بينما الحزب القائم على أساس مذهبي أو طائفي يستطيع أن يحصد الأغلبية بمنتهى السهولة، وهذا ماثل أمامنا في لبنان والعراق وسورية، أما في فلسطين والأردن فما زالت فكرة الحزب، حتى ببعده الهوياتي غير مغرية، وربما يعود ذلك لسبب تقسيم العمل السياسي بين مؤسسات وهيئات حلّت محل الأحزاب، ولبّت إلى حد ما تعطش بعضهم للحماية والحصانة ضمن المجموعة الضامنة لهذه المتطلبات والمعينة بشكلها الجهوي.

نيسان ـ نشر في 2017-10-25 الساعة 09:39

الكلمات الأكثر بحثاً