اتصل بنا
 

هند الفايز .. ابنة مغرمة بأبيها وفارسة لا يشق لها غبار

نيسان ـ نشر في 2017-10-08 الساعة 19:38

x
نيسان ـ إعداد – سعد الفاعور

يمكن القول إنه لو لم يكن بتاريخ هند الفايز، إلا أنها ابنة الزعيم السياسي والحزبي القومي العربي الأردني، حاكم سلطان مثقال الفايز، لكفاها شرفاً ورفعة، ولكن كيف وإذ بها هي أيضاً 'مغرمة بأبيها' سياسية وحزبية، وطنية لا يشقُّ لها غبار، جدها فارس مغوار، وأبوها هُمام، عالية الكعب في مقارعتها قوى الظل الخفي التي تدير ملفات الفساد والتغول على أصول الدولة.

مرت بالعديد من المحن، ودفعت ثمناً سياسياً باهظاً عن مواقفها الوطنية والقومية، لكن شعارها في الحياة 'لا أندم على شيء وأعتبر الحياة مدرسة أتعلم منها'. أما الحكمة التي تلهمها وتسترشد منها قراراتها ومواقفها في الحياة، فهي 'لا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه'.

صورة ذات صلة

عاشت طفولة صعبة بسبب سجن والدها 22 عاماً في سورية، وكانت تنتقل مابين الأردن وسورية لزيارة والدها في السجن، حيث كان أحد القوميين العرب المؤسسين لحزب البعث العربي الاشتراكي في سورية، إلا أنه اختلف مع الرئيس حافظ الأسد وحكم عليه بالسجن مع مجموعة أخرى من الرفاق البعثيين. وهي تجربة ترى أنها أكسبتها القوة والإصرار والإرادة وتعلم الصبر.

هي ابنة البادية، فتراها تحب ركوب الخيل وتحب أيضاً هواية الصيد، لكنها إلى جانب عراقة الأصل والفصل، فهي أيضاً سيدة متعلمة، ومهندسة برمجيات كمبيوتر، تجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى جانب لغتها الأم العربية.

مثلها الأعلى في الحياة القائد العربي الكبير جمال عبدالناصر، وصاحب الفضل عليها هو المرحوم والدها، وكذلك زوجها الذي تدين له بالكثير، كما تقول في تصريحات عديدة، فتصفه بأنه 'دعمها وشجعها ووقف إلى جانبها'.

حاولت الترشح للظفر بمقعد في المجلس الخامس عشر وفشلت، ثم حاولت مرة أخرى في انتخابات المجلس السادس عشر ولم يحالفها الحظ أيضاً، ولكنها تمكنت من انتزاع مقعدها في المجلس السابع عشر عن دائرة بدو الوسط عبر الكوتا النسائية.

دخولها المجلس خلق لها الكثير من العداوات، فهي تكره الفساد والفاسدين، وتحاربهم، وهذا انعكس عليها، فهي وإن حظيت باحترام القاعدة الجماهيرية، الفاقدة للفعل والتأثير، والمسكونة بالعواطف الآنية التي سرعان ما تتبخر، لكنها افتقدت للحصانة الرسمية الحكومية، وفي عين الوقت أدركت أن الحصانة الشعبية مجرد وهم، فاستماتتها بالدفاع عن حقوق الفقراء والمهمشين وتعريتها للفاسدين لم يوفر لها أي حصانة شعبية حقيقية، بل تمت معاقبتها رسمياً بصورة غير معلنة في انتخابات الثامن عشر، وسرقت صناديقها الانتخابية بوضح النهار على مرأى من أعين رئيس وأعضاء اللجنة المستقلة للانتخاب، فيما القاعدة الشعبية التي كانت تدافع عنها لم تحرك ساكناً!

صورة ذات صلة

يرى مراقبون ونقاد سياسيون أن هند، التي لا يمكن التشكيك بوطنيتها، تخفق كثيراً في لعبة التوازن على حبل التجاذبات السياسية والتشريعية، فهي ترفع سقفاً عالياً جداً في سعيها للإصلاح. ومن وجهة نظر قانونيين ودستوريين، فإن من يرتضي أن يكون نائباً تحت القبة، عليه أن يتحرك ضمن هامش الدستور والقانون. أما السقف العالي للحراك الإصلاحي، برأي أولئك الدستوريين والقانونيين فإنه يخرج هند عن هامش المناورة الذي اكتسبته باندماجها في المجلس النيابي، أي بكلمات أخرى، هم يقولون إنها 'انقلبت على الشرعية التي جاءت بها إلى المجلس' فهي نائبة 'كوتا' وليست نائبة منتخبة أولاً، وثانياً حتى لو كانت منتخبة مباشرة من الشعب وعلى مستوى دائرة وطن وليس دائرة 'بدو الوسط' ذات الخصوصية، فهي تظل مقيدة بشرعية القانون الذي يحكم العملية الانتخابية، وتجاوزها عليه، يعني انقلابها على الشرعية!

هند على ما يبدو أدركت ذلك، ولإصرارها الشديد على التمسك بالسقف المرتفع في مقارعة الفاسدين وكشفهم وتعريتهم، اختارت خوض انتخابات الثامن عشر على قاعدة المنافسة الحرة، وليس على قاعدة الكوتا، وهو على ما يبدو أمر لم يرق لبعض الأطراف النافذة والمؤثرة في الدولة العميقة، فسرقت صناديق دائرتها الانتخابية، وأعلن عن إخفاقها في الظفر بمقعد برلماني!

نتيجة بحث الصور عن هند الفايز

هند التي –تحررت- على ما يبدو من عبء السقف المحدد لنائب الكوتا، والتي تحررت أيضاً من عبء 'مدونة السلوك' البرلمانية التي أقرت وفق مشروع معدل للنظام الداخلي للبرلمان، مما يجعل أي نائب معرض للملاحقة من قبل زملائه ورئاسة المجلس إن ارتأوا أن النائب يغرد خارج السرب أو يرفع سقف المطالب والانتقادات، وهي مدونة في رأي العديد من الجهات الدولية ومراكز الشفافية تعتبر وصمة عار في تاريخ الممارسة الديمقراطية والبرلمانية، لأن لا هدف لها إلا تحجيم النواب وحرمانهم من ممارسة حقهم بالنقد وكشف الفساد. تنفست الصعداء خارج القبة بشكل أكبر، وباتت تعبر عن مواقفها بشجاعة أكبر ودون قيود، مرجعيتها ضميرها وقناعاتها السياسية وإحساسها بجوع الكادحين.

بعد خسارتها الانتخابات، بدأت تمارس الحياة السياسية من وجهة نظر سياسية ناشطة، تدعو إلى خلق قاعدة شعبية لها شرعية التمثيل الشعبي، في وجه ما بات يوصف بأنه برلمان صوري، يتعاون مع حكومة لا تكترث بهم المواطن، ولا تتلمس آلامه أو احتياجاته، وهدفها إرضاء اشتراطات صندوق النقد الدولي فقط لا غير، والضحية دائماً هو المواطن البسيط، الذي يتحمل كافة الكلف والأعباء الضريبية.

بعد واقعة 'اقعدي يا هند' الشهيرة، التي كرست من خلالها موقفاً سياسياً منحازاً لإرثها وتاريخها القومي العروبي، فيما يخص معارضة اتفاقية استيراد الغاز من الاحتلال الصهيوني، واشتباكها مع زميلها النائب يحيى السعود، الذي انتقد صراحة وجود نساء في المجلس يدخلن بفعل رافعة 'الكوتا' التي تسمح للنساء بالفوز بمقعد برلماني بنسبة قليلة جداً من الأصوات، وبعد خروجها من المجلس النيابي، عادت لتمارس نشاطها السياسي في الدفاع عن القضايا الوطنية التي تؤمن بها.

نتيجة بحث الصور عن هند الفايز

كان الاختبار الأول حادثة الجفر واعتقال الرقيب أول معارك التوايهة، الذي –بحسب الرواية الشعبية الأكثر مصداقية وتداولاً بين الأردنيين من الرواية الرسمية- أردى جنوداً أميركيين متهمين بعدم احترام بروتوكول التفتيش ودخول القواعد العسكرية، أي أنه تصدى لجنود أجانب تجاوزا على السيادة الوطنية للقواعد العسكرية الأردنية. وقد انحازت هند بالمطلق إلى ضمير الشارع الأردني، واستبسلت بالدفاع عن الرقيب أول البطل معارك التوايهة.

شاركت بعدها في المؤتمر التحضيري للمؤتمر الوطني العام في محافظة معان، وخرج أحدهم عليها وهددها بوضع رصاصة بين عينيها، لكنها لم تعر ذلك اهتماماً وأكدت عزمها على مواصلة محاربة الفاسدين وكشفهم للرأي العام حتى يتم رفع الغطاء الرسمي عنهم وتقديمهم للمحاكمة واسترداد ما نهبوه من المال العام.

صورة ذات صلة

ثم جاءت مشاركتها فيما اصطلح على تسميته 'اجتماع اللجنة التأسيسية' في الكرك، وقد رفعت هند سقف المطالب السياسية إلى الحد الذي شكل عبئاً على صاحب الدعوة النائب صداح الحباشنة، الذي كشف في تصريحات صحفية، أن ما تفوهت به هند الفايز يحرف بوصلة الإجماع الأردني. ففي هذه المرحلة –بحسب الحباشنة- الأردنيون يريدون تحشيد موقف وطني صلب ضد سياسات الحكومة، ومشكلة الأردنيين في السلطة التنفيذية التي تتخذ القرارات بطريقة مؤلمة وموجعة لغالبية الشعب، والتحشيد يجب أن يتم توجيهه نحو هذه السلطة التنفيذية وليس ضد رأس النظام الذي اعتبره النائب الحباشنة 'خطاً أحمر'، فيما استنكرت الفايز تصريحات الحباشنة واعتبرت أن الرجل تعرض لضغوط كبيرة، وشددت على أنه أمام حقوق الأردنيين لا يوجد شيء اسمه 'خط أحمر' إلا الشعب وحقوقه.

صورة ذات صلة

في ظل هذه المواقف الحادة والسقف المرتفع جداً للنائب السابق هند الفايز، لم يتفاجأ الأردنيون عند سماعهم نبأ وضع اسمها على قائمة الممنوعين من السفر، بتهمة 'التهرب الضريبي' وهو ما نفته الفايز جملة وتفصيلاً، مؤكدة أنها ليست متهربة ضريبياً، وإنما عليها 'غرامات' نتيجة تعثر مالي. عادة قرار التحفظ على أموالها المنقولة وغير المنقولة بأنه قرار 'سياسي' بامتياز وليس قانونياً. مشددة على أنها لن تترك البلاد للفاسدين، كما نقل عنها في تصريحات متطابقة!

درست هند في جامعة اليرموك علم حاسوب فرع مالية وتخرجت عام 1991 وعملت بعد ذلك مهندسة أنظمة مع شركة (IPM)، ثم سافرت إلى بريطانيا ودرست التسويق، ثم عادت إلى الأردن وحصلت على تمويل من بنك الإنماء الصناعي وأسست مؤسسة إعلانية، وبدأت تنتج أعمالاً خاصة للتلفزيون الأردني بالتعاون مع الدائرة التجارية. ثم أسست لاحقاً شركة خدمات في مطار الملكة علياء، كما أسست أيضاً شركة تطوير عقاري.

هي سيدة متزوجة من رؤوف الدباس، وهو خبير متخصص في شؤون البيئة، وعارض بشدة مشروع المفاعل النووي الذي طرحه خالد طوقان، وقد عرضه ذلك للفصل من عمله، والده كان نائبا سابقاً في مجلس النواب الأردني، كما كان أيضاً وزيراً سابقاً للطاقة. وقد رزقت منه بثلاثة أولاد وابنة.

اختيرت ضمن قائمة أفضل عشرة شخصيات نسائية في الأردن حسب ما نشرته صحيفة 'جوردان بزنس'، وهي عضو ناشط وفاعل ومؤسس في عديد من الجمعيات الخيرية، التي من بينها: جمعية رعاية اليتيم الخيرية، جمعية صخر لإيواء الأيتام، وخلال عملها النيابي شغلت منصب نائبة رئيس لجنة النزاهة والشفافية وتقصي الحقائق النيابية.

صورة ذات صلة

نيسان ـ نشر في 2017-10-08 الساعة 19:38

الكلمات الأكثر بحثاً