اتصل بنا
 

هل ولجنا مرحلة الإفلاس التام؟

نيسان ـ نشر في 2018-07-29 الساعة 11:37

x
نيسان ـ

بقلم محمد قبيلات ...بات بال الأردني اليوم، على نحو غير مسبوق، مشغولًا بأسئلة من عيار ثقيل، وبدأت الهواجس تتحكم في تفكيره، فتنطلق على شكل إشاعات أو أخبار صغيرة مضخمة، وبدلا من تلمس جادة الطريق، بالشروع في حوار منتج، صار المواطن مُحرَّكا بتلك القصص التي سيطرت على التفكير الجمعي، فليس من إمكان لتداول معلومات صحيحة كاملة، لذلك صرنا جميعا بحكم الهمازين المشائين بنميم، بسبب شح المعلومات والغموض على المستويات كافة.
في هذه الجزئية، المعلومة وحق المواطن في الحصول عليها، فإننا لا بد من أن نستذكر ما ركزت عليه وزيرة الإعلام الأستاذة جمانة غنيمات في بداية استلامها حقيبة الإعلام.
وبالمناسبة، غنيمات مرّت خلال هذه الفترة البسيطة بثلاث مراحل؛ الوزيرة الصحافية الحالمة الحاملة لتنظيرات كبيرة لمهمة وزارة الإعلام، ومرحلة الناطق الرسمي الذي ينقل تفسيرات الحكومة للأحداث لا المعلومات عن الأحداث والوقائع، وأخيرا مرحلة النافي الإعلامي، وهي المرحلة التي ولجتها غنيمات منذ حادثة دهم مزارع جنوب العاصمة أمس الأول، التي عمادها النفي وتكييف القصص بما يضمن استقرار الحكومة السياسي.
أما بالنسبة للحكومة، فقد شكلت العبارة المفتاحية (الرئيس كويّس بس الفريق لا) المدخل لأي حديث هدفه التقويم، وهذا، ربما، يمكن تصنيفه نوعا من الطعن بقدرة الرئيس وحكومته على إدارة المرحلة، فكيف سينفذ الرئيس برامجه السياسية من خلال حكومة غير كفؤة؟! وما الذي أجبره على هذا التشكيل إن لم يرَ فيه الفريق الناجح المؤهل لتنفيذ المهمات المقررة؟
السؤال الأخطر هنا؛ متى نبلغ عمر الرشد السياسي؟ ولِمَ تبقى الحكومة في الرابع اذا كانت لا تستطيع أن تقدم شيئا؟
وعلى سبيل المثال، في السلوك الأخلاقي القويم، فإن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون فور إعلان نتائج الاستفتاء على اتفاقية ماستريخت المؤسِسة للاتحاد الأوروبي قدم استقالته، لأنه وفريقه الوزاري كانوا ضدّ انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، فأفسح المجال لمنافسته تيريزا ماي وفريقها لتشغل محله كونها مؤيدة للانفصل.
لا بد لنا من الاعتراف بأننا نعيش بدايات الإفلاس، وعلى المستويات كافة، ويشعر المسؤولون عندنا اليوم، بأن ليس لديهم ما يفعلون إلّا الانتظار والتلهي بالقصص غير ذات الصلة بالمشكلة الأساسية، أي انتظار هذا الذي يمارسونه، وانتظار ماذا؟ لا أحد يعرف، ربما كان الجميع بانتظار المعجزات.
خذ على سبيل المثال، قصة مصنع الدخان، فبدلا من أن تكون بداية علاج الفساد لدى بعض المسؤولين والنهج الاقتصادي والسياسي السابق عامة، بدأت بالتحول إلى قنبلة دخانية كبيرة، كأن هدفها التعمية على المشاكل الأكبر، وآخر ما يثبت هذه الفرضية، خبر اعتقال رئيس وزراء سابق مع سبعة وزراء، الذي تم نفيه على الفور.
فما الفائدة المرجوّة إذاً من حشد قائمة الثلاثين من المتهمين بقضايا التهريب الجمركي، ومن ضمنهم الحدث الذي تم الإفراج عنه لعدم وجود علاقة له بالقصة لا من قريب ولا من بعيد، أقول ما الفائدة من ذلك كله من دون أن يظهر اسم من أسماء الرؤوس الكبيرة التي وعدتنا الغنيمات بأن تطاح من مواقعها؟
فقصة مصنع الدخان أكبر من تهرّب ضعاف نفوس من دفع الرسوم الجمركية، بل إنها دليل على اهتراء 'السيستم'، وهو ما سهّل اختراقه، وربما كانت هناك عشرات الحالات المشابهة لهذا الاختراق.
لا حل أمامنا اليوم إلّا بمغادرة دوائر مسرح العبث إلى فسيح الواقع، حتى لو كان هذا الواقع قاسيا، فلم يعد مجديا لنا أن نضيّع الوقت في انتظار 'غودو'، لأنه قد لا يعود، وحتى إن عاد، فليس من حلول في جعبته.

نيسان ـ نشر في 2018-07-29 الساعة 11:37

الكلمات الأكثر بحثاً