اتصل بنا
 

هل تحوز الحكومة غدا ثقة مجلس النواب؟

نيسان ـ نشر في 2018-07-08 الساعة 11:38

x
نيسان ـ

بقلم محمد قبيلات..إذا تم توجيه السؤال أعلاه إلى مواطن أردني، فسيأتي جوابه، في الأغلب: نعم، والـ' نعم' هنا نابعة من حالة عدم الثقة بالمجلس، إضافة لصورة النواب النمطية المترسخة لدى الرأي العام، الناتجة أولًا عن ضعف آداء النواب، وثانيًا عن الضخ الإعلامي المستمر والهادف إلى خلق رأي عام يؤمن باللاجدوى من صفات البرلمان ومهماته التشريعية والرقابية، من خلال دأب وسائل الإعلام على تكبير هفوات النواب، مهما صغرت، وتصغير إنجازاتهم، مهما كبرت.
التفسير السياسي لا يكفي وحده لتوضيح هذه الحالة، فالمسألة الأساسية هنا أن هذه العملية عملية تخضع بامتياز لصراع طبقي، فالتناقض الرئيسي الذي رسّخ هذه القناعات متعلق بالخلل في الصفة التمثيلية للمجلس، ففي الوقت الذي يجب أن يكون فيه ممثلا للطبقات الاجتماعية الأكبر حجمًا، أي الفقيرة، نرى أنه يأتي في كل مرة على العكس من ذلك تماما، أي أن ألأغلبية تكون ممثلة للطبقات الغنية، وحتى نواب الفقراء سرعان ما نراهم يتسلّخون من الطبقات التي انتدبتهم، ويندمجون في الطبقات الممسكة بزمام الأمور، نتيجة استقطاب تلك الطبقات لهم، بشتى الوسائل.
وقبل كل هذا فإن العمل يجري على حسم الصيغة النهائية للتمثيل في المجلس، بشكل مسبق، من خلال قانون الانتخاب وتوزيع الدوائر، وعبث الطبقات المتسيّدة وحلفائها من البيروقراط بإرادة الناخبين، وتوجيهها من خلال إثارة النعرات والعصبيات الجهوية، لأهداف تشويه الصفة التمثيلية الحقيقية للنواب، وبهدف رئيسي لا يظهر في المشهد، وهو سرقة المنجز الأساسي الذي منحه الدستور للفقراء، وظهر في أول سطر منه، يُقر بأن الحكم نيابي أولا ثم ملكي وراثي.
طبعا، تعودنا على المعارضة الشكلية من النواب والتي تُستخدَم لغايات الاستهلاك الشعبي بينما تجري التشبيكات الحقيقية على قدم وساق لخيانة الإرادة الشعبية، خصوصا في اللحظات المعيارية التي تظهر جلية عند التصويت على منح الثقة وسن القوانيين.
ليس من حكومة تستأهل ثقة تتجاوز الحد الأدنى من الأغلبية إلا بالقليل من الأصوات في أحسن الأحوال، فكلما زادت هذه النسبة عن محيط المتوسط أظهرت حجم التشوه في التمثيل البرلماني بشكل طردي، فليس من المعقول أن يفوز أردوغان ونتنياهو وتريزا ماي وميركل بشق الأنفس بينما الزعماء والحكومات في بلدان العالم الثالث يتربعون، بكل راحة، في خانة الثلاث تسعات.
حكومة الرزاز، على تشكيلتها الوزارية والطريقة التي شُكلت بها، وعلى فريقها الاقتصادي، غير جديرة بالفوز بثقة النواب، ولا تنفع معها الجراحات التعديلية التجميلية، خصوصا أنها جاءت على خلفية أحداث احتجاجية كادت أن تُدخل البلاد في المجهول، وبعيدا عن نتائج استطلاعات الرأي، الموجهة سلفا والمصاغة أسئلتها بشكل رغائبي ينطوي على إجابات محددة، فإن هذه الحكومة لا تحظى بتأييد شعبي، خصوصا أنها بغير برنامج وما تم ظهوره من أدائها حتى هذه اللحظة مجرد بعض إجراءات شكلية لا تُغني ولا تُسمن عن جوع.
الناس يقولون إن هذه الحكومة جاءت على هذا الشكل، تعبيرا عن حالة الانسداد والاستعصاء السياسي التي أوصدت الأبواب بوجه الدكتور عمر الرزاز، وهذا ما اضطره للخروج، في الربع الأخير من الساعة، بهذه التشكيلة الضعيفة، حكومة نصف أعضائها من حكومة الملقي المقالة، والنصف الآخر من البنك الأهلي وجريدة الغد والأصدقاء والمحاسيب.

نيسان ـ نشر في 2018-07-08 الساعة 11:38

الكلمات الأكثر بحثاً